لا شك أن أميركا هي الدولة الأولى في العالم في هذا العصر وإنها تملك سلطة كبيرة تهدد بها دول العالم، لكن هذه المكانة لا تعني أنها تحقق كل ما تريد في هذا العالم. الملاحظ الآن أنها تعيش اهتزازا في مكانتها وتمر بأزمات كبيرة. اقتصاديا نجدها ترزح تحت مديونية هائلة، وسياسيا نجد مشاريعها متعثرة في أكثر من قضية، وهي فشلت في مشروع حل الدولتين في فلسطين، والحرب التي تخوضها دولة الاحتلال ضد أهل غزة أظهرت العديد من دلائل وعلامات الضعف الأمريكي، فالجولات المكوكية المتعاقبة لكبار القادة الأمريكيين للمنطقة لاحتواء تداعيات الحرب هو دليل على هذا الضعف. فلو كان في الإدارة الأمريكية رجال دولة أقوياء ما فشلوا في إخضاع نتنياهو في أكثر من قضية فيما يتعلق بهذه الحرب وفي الكثير من القضايا. وسياسياً أيضا نجد أن مشروعها في الوقوف في وجه الصين اهتز، وداخلياً نجد حالة الترهل والانقسام الذي أصاب مفاصلها، لذلك تعدت العلاقة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حالة التنافس المعتادة وتحولت لحالة صراع كسر عظم بينهما، وهذا يؤكد أن أمريكا ذاهبة لمزيد من الانقسامات والمشاكل، وهذا له تأثير كبير على مكانتها عالمياً.
لقد علمّنا التاريخ أن ترتيب السلّم الدولي لا يبقى على حاله، فدول تتراجع وتتقدم أخرى، وهذه سنن الوجود وما ينطبق على دول العالم ينطبق على أمريكا وسواها، وأمريكا ليست استثناءً أمام سنن الوجود كما يتوهم البعض.
إن المُطالب منه أن يكون ودائماً على سلّم الهرم الدولي هي الأمة الإسلامية بوصفها صاحبة رسالة وحضارة صحيحة لأنها تقوم على أساس روحي، وفي سيادتها سعادة البشرية جمعاء، لذلك فالأمة مُطالبة بمجموعها بالعمل من أجل العودة لقيادة العالم من جديد وذلك بإعادة سلطانها المفقود وعودتها أمة واحدة ومتحدة في كيان سياسي واحد يقوم على أساس مبدئها وعقيدتها لتنقذ العالم والبشرية جمعاء من غول الرأسمالية المتوحش والذي مسخ الإنسان وأذاقه الويلات وحوّل حياته إلى جحيم .
لقد علمّنا التاريخ أن ترتيب السلّم الدولي لا يبقى على حاله، فدول تتراجع وتتقدم أخرى، وهذه سنن الوجود وما ينطبق على دول العالم ينطبق على أمريكا وسواها.